الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
ولا ينبغي تقلد كلام المؤرخين على علاّته فإن فيهم من أهل الأهواء ومن تلقّفوا الغثّ والسمين.وما يذكر عنها رضي الله عنها: أنها كانت إذا قَرأت هذه الآية تبكي حتى يبتلّ خمارها، فلا ثقة بصحة سنده، ولو صحّ لكان محمله أنها أسفت لتلك الحوادث التي ألجأتها إلى الاجتهاد في تأويل الآية.{وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى}. التبرج: إظهار المرأة محاسن ذاتها وثيابها وحليها بمرأى الرجال.وتقدم في قوله تعالى: {غير متبرجات بزينة} في سورة النور (60).وانتصب {تبرج الجاهلية الأولى} على المفعول المطلق، وهو في معنى الوصف الكاشف أريد به التنفير من التبرّج. والمقصود من النهي الدوام على الانكفاف عن التبرج وأنهن منهياتٌ عنه.وفيه تعريض بنهي غيرهن من المسلمات عن التبرج، فإن المدينة أيامئذٍ قد بقي فيها نساء المنافقين وربما كُنَّ على بقية من سيرتهن في الجاهلية فأريد النداء على إبطال ذلك في سيرة المسلمات، ويظهر أن أمهات المؤمنين منهيات عن التبرج مطلقًا حتى في الأحوال التي رُخّص للنساء التبرج فيها في سورة النور في بيوتهن لأن ترك التبرج كمال وتنزه عن الاشتغال بالسفاسف.فنسب إلى أهل الجاهلية إذ كان قد تقرر بين المسلمين تحقير ما كان عليه أمر الجاهلية إلا مَا أقرّه الإسلام.و{الجاهلية} المدة التي كانت عليها العرب قبل الإسلام، وتأنيثها لتأويلها بالمُدة.والجاهلية نسبة إلى الجاهل لأن الناس الذين عاشوا فيها كانوا جاهلين بالله وبالشرائع، وقد تقدم عند قوله تعالى: {يظنون بالله غير الحق ظنّ الجاهلية} في سورة آل عمران (154).ووصفُها {بالأولى} وصف كاشف لأنها أولى قبل الإسلام، وجاء الإِسلام بعدها فهو كقوله تعالى: {وأنه أهلك عادًا الأولى} [النجم: 50]، وكقولهم: العشاء الآخرة، وليس ثمة جاهليتان أولى وثانية.ومن المفسرين من جعلوه وصفًا مقيِّدًا وجعلوا الجاهلية جاهليتين، فمنهم من قال: الأولى هي ما قبل الإسلام وستكون جاهلية أخرى بعد الإسلام يعني حين ترتفع أحكام الإسلام والعياذ بالله.ومنهم من قال: الجاهلية الأولى هي القديمة من عهد ما قبل إبراهيم ولم يكن للنساء وازع ولا للرجال، ووضعوا حكايات في ذلك مختلفة أو مبالغًا فيها أو في عمومها، وكل ذلك تكلف دعاهم إليه حمل الوصف على قصد التقييد.{وَأَقِمْنَ الصلاة وَءَاتِينَ الزكواة وَأَطِعْنَ اللهَ ورَسُوله}.أريد بهذه الأوامر الدوام عليها لأنهن متلبسات بمضمونها من قبل، وليعلم الناس أن المقربين والصالحين لا ترتفع درجاتهم عند الله تعالى عن حق توجه التكليف عليهم.وفي هذا مقمع لبعض المتصوفين الزاعمين أن الأولياء إذا بلغوا المراتب العليا من الولاية سقطت عنهم التكاليف الشرعية.وخصّ الصلاة والزكاة بالأمر ثم جاء الأمر عامًا بالطاعة لأن هاتين الطاعتين البدنية والمالية هما أصل سائر الطاعات فمن اعتنى بهما حق العناية جرّتاه إلى ما وراءهما، قال تعالى: {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} وقد بيناه في سورة العنكبوت (45).{إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرجس أَهْلَ البيت وَيُطَهِّركم تَطْهِيرًا}.متصل بما قبله إذ هو تعليل لما تضمنته الآيات السابقة من أمر ونهي ابتداء من قوله تعالى: {يا نساء النبي من يأت منكن} [الأحزاب: 30] الآية.فإن موقع {إنما} يفيد ربط ما بعدها بما قبلها لأن حرف إن: جزء من {إنما} وحرف إن: من شأنه أن يغني غناء فاء التسبب كما بينه الشيخ عبد القاهر، فالمعنى أمَركن الله بما أمر ونَهاكُنّ عما نهى لأنه أراد لكُنّ تخلية عن النقائص والتحْلية بالكمالات.وهذا التعليل وقع معترضًا بين الأوامر والنواهي المتعاطفة.والتعريف في {البيت} تعريف العهد وهو بيت النبي صلى الله عليه وسلم وبيوت النبي عليه الصلاة والسلام كثيرة فالمراد بالبيت هنا بيت كل واحدة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وكل بيت من تلك البيوت أهله النبي صلى الله عليه وسلم وزوجه صاحبة ذلك، ولذلك جاء بعده قوله: {واذكرن ما يتلى في بيوتكن} [الأحزاب: 34]، وضميرَا الخطاب موجهان إلى نساء النبي صلى الله عليه وسلم على سَنن الضمائر التي تقدمت.وإنما جيء بالضميرين بصيغة جمع المذكر على طريقة التغليب لاعتبار النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الخطاب لأنه رب كل بيت من بيوتهن وهو حاضر هذا الخطاب إذ هو مبلغه.وفي هذا التغليب إيماء إلى أن هذا التطهير لهنّ لأجل مقام النبي صلى الله عليه وسلم لتكون قريناته مشابهات له في الزكاء والكمال، كما قال الله تعالى: {والطيبات للطيبين} [النور: 26] يعني أزواج النبي للنبيء صلى الله عليه وسلم وهو نظير قوله في قصة إبراهيم: {رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت} [هود: 73] والمخاطب زوج إبراهيم وهو معها.و{الرجس} في الأصل: القذر الذي يلوّث الأبدان، واستعير هنا للذنوب والنقائص الدينية لأنها تجعل عِرض الإنسان في الدنيا والآخرة مرذولًا مكروهًا كالجسم الملوّث بالقذر.وقد تقدم في قوله تعالى: {رجس من عمل الشيطان} في سورة العقود (90).واستعير التطهير لضد ذلك وهو تجنيب الذنوب والنقائص كما يكون الجسم أو الثوب طاهرًا.واستعير الإِذهاب للإِنجاء والإِبعاد.وفي التعبير بالفعل المضارع دلالة على تجدد الإرادة واستمرارها، وإذا أراد الله أمرًا قدّره إذ لا رادّ لإِرادته.والمعنى: ما يريد الله لكُنّ مما أمركن ونهاكن إلا عصمتَكُنّ من النقائص وتحليتكن بالكمالات ودوامَ ذلك، أي لا يريد من ذلك مقتًا لكنّ ولا نكاية.فالقصر قصر قلب كما قال تعالى: {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم} [المائدة: 6].وهذا وجه مجيء صيغة القصر ب {إنما}. والآية تقتضي أن الله عصم أزواج نبيئه صلى الله عليه وسلم من ارتكاب الكبائر وزكى نفوسهن.و{أهل البيت} أزواج النبي صلى الله عليه وسلم والخطاب موجه إليهن وكذلك ما قبله وما بعده لا يخالط أحدًا شك في ذلك، ولم يفهم منها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعون إلا أن أزواج النبي عليه الصلاة والسلام هن المراد بذلك وأن النزول في شأنهنّ.وأما ما رواه الترمذي عن عطاء بن أبي رباح عن عُمر بن أبي سلمة قال: لما نزلت على النبي: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرًا} في بيت أم سلمة دعا فاطمةَ وحسنًا وحسينًا فجَلَّلهم بكساء وعليٌّ خلْف ظهره ثم قال: «اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهِب عنهم الرجس وطهِّرهم تطهيرًا».وقال: هو حديث غريب من حديث عطاء عن عمر بن أبي سلمة ولم يَسِمْه الترمذي بصحة ولا حُسن، ووسمه بالغرابَة.وفي صحيح مسلم عن عائشة: خرج رسول الله غداةً وعليه مرط مرحَّل فجاء الحسن فأدخله، ثم جاء الحسين فأدخله، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله، ثم قال: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرًا}. وهذا أصرح من حديث الترمذي.فمَحمله أن النبي صلى الله عليه وسلم ألحق أهل الكساء بحكم هذه الآية وجعلهم أهلَ بيته كما ألحق المدينةَ بمكة في حكم الحَرَمية بقوله: «إن إبراهيم حرّم مكة وإني أحرّم ما بينَ لابتيها».وتَأوُّل البيت على معنييه الحقيقي والمجازي يصدق ببيت النسب كما يقولون: فيهم البيتُ والعَدد، ويكون هذا من حَمل القرآن على جميع محامله غير المتعارضة كما أشرنا إليه في المقدمة التاسعة.وكأنَّ حكمة تجليلهم معه بالكساء تقويةُ استعارة البيت بالنسبة إليهم تقريبًا لصورة البيت بقدر الإمكان في ذلك الوقت ليكون الكساء بمنزلة البيت ووجود النبي صلى الله عليه وسلم معهم في الكساء كما هو في حديث مسلم تحقيق لكون ذلك الكساء منسوبًا إليه، وبهذا يتضح أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم هن آل بيته بصريح الآية، وأن فاطمة وابنيْها وزوجها مجعولون أهل بيته بدعائه أو بتأويل الآية على محاملها.ولذلك هُمْ أهل بيته بدليل السنة، وكل أولئك قد أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرًا، بعضه بالجعل الإلهي، وبعضه بالجعل النبوي، ومثله قول النبي صلى الله عليه وسلم: «سَلْمان منّا أهلَ البيت».وقد استوعب ابن كثير روايات كثيرة من هذا الخبر مقتضية أن أهل البيت يشمل فاطمة وعليًّا وحسنًا وحسينًا.وليس فيها أن هذه الآية نزلت فيهم إلا حديثًا واحدًا نسبه ابن كثير إلى الطبري ولم يوجد في تفسيره عن أم سلمة أنها ذكر عندها علي بن أبي طالب فقالت: فيه نزلت: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرًا} وذكرتْ خبر تجليله مع فاطمة وابنيه بكساء، وقد تلقّف الشيعة حديث الكساء فغصبوا وصف أهل البيت وقصروه على فاطمة وزوجها وابنيهما عليهم الرضوان، وزعموا أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لسن من أهل البيت.وهذه مصادمة للقرآن بجعل هذه الآية حشوًا بين ما خوطب به أزواج النبي.وليس في لفظ حديث الكساء ما يقتضي قصر هذا الوصف على أهل الكساء إذ ليس في قوله: «هؤلاء أهل بيتي» صيغة قصر وهو كقوله تعالى: {إن هؤلاء ضيفي} [الحجر: 68] ليس معناه ليس لي ضيف غيرهم، وهو يقتضي أن تكون هذه الآية مبتورة عما قبلها وما بعدها.ويظهر أن هذا التوهم من زمن عصر التابعين، وأن منشأه قراءة هذه الآية على الألسن دون اتصال بينها وبين ما قبلها وما بعدها.ويدل لذلك ما رواه المفسرون عن عكرمة أنه قال: من شاء بأهلية أنها نزلت في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأنه قال أيضًا: ليس بالذي تذهبون إليه، إنما هو نساء النبي صلى الله عليه وسلم وأنه كان يصرخ بذلك في السوق.وحديث عمر بن أبي سلمة صريح في أن الآية نزلت قبل أن يدعو النبي الدعوة لأهل الكساء وأنها نزلت في بيت أم سلمة.وأما ما وقع من قول عُمر بن أبي سلمة: أن أم سلمة قالت: وأنا معهم يا رسول الله؟فقال: «أنت على مكانك وأنتِ على خير». فقد وهم فيه الشيعة فظنوا أنه منعها من أن تكون من أهل بيته، وهذه جهالة لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أراد أن ما سألته من الحاصل، لأن الآية نزلت فيها وفي ضرائرها، فليست هي بحاجة إلى إلحاقها بهم، فالدعاء لها بأن يذهب الله عنها الرجس ويطهرها دعاء بتحصيل أمر حصل وهو مناف بآداب الدعاء كما حرره شهاب الدين القرافي في الفرق بين الدعاء المأذون فيه والدعاء الممنوع منه، فكان جواب النبي صلى الله عليه وسلم تعليمًا لها. وقد وقع في بعض الروايات أنه قال لأم سلمة: «إنككِ من أزواج النبي».وهذا أوضح في المراد بقوله: «إنك على خير». ولما استجاب الله دعاءه كان النبي صلى الله عليه وسلم يطلق أهل البيت على فاطمة وعلي وابنيهما، فقد روى الترمذي عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمر بباب فاطمة ستة أشهر إذا خرج إلى صلاة الفجر يقول: «الصلاة يا أهل البيت {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرًا}» قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.واللام في قوله: {ليذهب} لام جرّ تزاد للتأكيد غالبًا بعد مادتي الإرادة والأمر، وينتصب الفعل المضارع بعدها ب أنْ مضمرة إضمارًا واجبًا، ومنه قوله تعالى: {وأمرنا لنسلم لرب العالمين} [الأنعام: 71]، وقول كثير:
وعن النحاس أن بعض القراء سماها لام أَنْ وتقدم قوله تعالى: {يريد الله ليبين لكم} في سورة النساء (26).وقوله: {أهل البيت} نداء للمخاطبين من نساء النبي صلى الله عليه وسلم مع حضرة النبي عليه الصلاة والسلام، وقد شمل كلَّ من ألحق النبي صلى الله عليه وسلم بهن بأنه من أهل البيت وهم: فاطمة وابناها وزوجها وسلمان لا يعدُو هؤلاء.{وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34)}.لما ضمِن الله لهن العظمة أمرهن بالتحلي بأسبابها والتملّي من آثارها والتزود من علم الشريعة بدراسة القرآن ليجمع ذلك اهتداءَهن في أنفسهن ازديادًا في الكمال والعلم، وإرشادَهن الأمة إلى ما فيه صلاح لها من علم النبي صلى الله عليه وسلم.وفعل {اذْكُرن} يجوز أن يكون من الذُّكر بضم الذال وهو التذكّر، وهذه كلمة جامعة تشمل المعنى الصريح منه، وهو أن لا ينسَيْن ما جاء في القرآن ولا يغفلن عن العمل به، ويشمل المعنى الكنائي وهو أن يراد مراعاة العمل بما يتلى في بيوتهن مما ينزل فيها وما يقرأه النبي صلى الله عليه وسلم فيها، وما يبيّن فيها من الدين، ويشمل معنى كنائيًا ثانيًا وهو تذكر تلك النعمة العظيمة أَن كانت بيوتهن موقع تلاوة القرآن.ويجوز أن يكون من الذِّكر بكسر الذال، وهو إجراء الكلام على اللسان، أي بلّغْنَه للناس بأن يقرأن القرآن ويبلغن أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وسيرته.وفيه كناية عن العمل به.والتلاوة: القراءة، أي إعادة كلام مكتوب أو محفوظ، أي ما يتلوه الرسول صلى الله عليه وسلم و{من آيات الله والحكمة} بيان لما يتلى فكل ذلك متلوّ، وذلك القرآن، وقد بين المتلو بشيئين: هما آيات الله، والحكمة، فآيات الله يعم القرآن كلَّه، لأنه معجز عن معارضته فكان آية على أنه من عند الله.وعطف {والحكمة} عطف خاص على عام وهو ما كان من القرآن مواعظ وأحكامًا شرعية، قال تعالى بعد ذكر الأحكام التي في سورة الإِسراء (39): {ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة} أي ما يتلى في بيوتهن عند نزوله، أو بقراءة النبي ودراستهن القرآن، ليتجدد ما علِمْنه ويلمع لهن من أنواره ما هو مكنون لا ينضُب معينه، وليكُنّ مشاركاتتٍ في تبليغ القرآن وتواتره، ولم يزل أصحاب رسول الله والتابعون بعدهم يرجعون إلى أمهات المؤمنين في كثير من أحكام النساء ومن أحكام الرجل مع أهله، كما في قوله تعالى: {اذكرني عند ربك} [يوسف: 42]، أي بلغ خبر سجني وبقائي فيه.وموقع مادة الذكر هنا موقع شريف لتحملها هذه المحامل ما لا يتحمله غيرها إلا بإطناب.قال ابن العربي: إن الله تعالى أمر نبيئه عليه الصلاة والسّلام بتبليغ ما أنزل إليه فكان إذا قرأ على واحد أو ما اتفق سقط عنه الفرض، وكان على من تبعه أن يبلغه إلى غيره ولا يلزمه أن يذكره لجميع الصحابة. وقد تكرر ذكر الحكمة في القرآن في مواضع كثيرة، وبيّنّاه في سورة البقرة.وتقدم قريبًا اختلاف القراء في كسر باء {بيوت} أو ضمها.وجملة {إن الله كان لطيفًا خبيرًا} تعليل للأمر وتذييل للجمل السابقة.والتعليل صالح لمحامل الأمرِ كلها لأن اللطف يقتضي إسداء النفع بكيفية لا تشقّ على المُسدَى إليه.وفيما وُجّه إلى نساء النبي صلى الله عليه وسلم من الأمر والنهي ما هو صلاح لهن وإجراء للخير بواسطتهن، وكذلك في تيسيره إياهن لمعاشرة الرسول عليه الصلاة والسلام وجعلهن أهل بيوته، وفي إعدادهن لسماع القرآن وفهمه، ومشاهدة الهدي النبوي، كل ذلك لطف لهن هو الباعث على ما وجهه إليهن من الخطاب ليتلقّيْن الخبرَ ويبلغنه، ولأن الخبير، أي العليم إذا أراد أن يُذهب عنهن الرجس ويطهرهن حصل مراده تامًا لا خلل ولا غفلة.فمعنى الجملة أنه تعالى موصوف باللطف والعلم كما دلّ عليه فعل {كان} فيشمل عمومُ لطفِه وعلمِه لطفَه بهن وعلمَه بما فيه نفعهن. اهـ.
|